الاغتصاب الزوجي

حوار هادئ حول جريمة الاغتصاب الزوجي

نوفمبر 30, -0001 - 00:00
نوفمبر 30, -0001 - 00:00
 2

من يحسب أن هناك حرية رأي في العالم فهو مخطئ!

لا تتوافر مساحتك الكاملة لحرية الرأي في أي ثقافة أو مكان حول العالم الذي نعرفه، ولأجل ذلك فضلت أن أكتب هذه الكلمات على موقعي بدلا من كتابتها على شبكة من شبكات التواصل الاجتماعي بعدا عن الاشتباك مع إدارات هذه الشبكات حول ما يعرف بالمعايير، إذ يبدو أن المعايير إنما تنتهك فقط من جهتنا حين ندافع عن مفهوم ديني أو نصحح صورة عن الدين مغلوطة، بينما حين يقوم المخربون بالعبث حول ديننا فإن تلك الشبكات تعتبر ذلك حرية رأي وتدعم انتشار هذه الأفكار بكل رضا!

الحلال لا يسمى أخذه اغتصابا، والامتناع عن أداء الحقوق هو الاغتصاب في الحقيقة، فإن مطالبة غيرك لك بأداء الحقوق ليس اغتصابا بل هو حق لهؤلاء الآخرين.

وحين يجبرك القانون على أداء حقوق الآخرين عليك فإن ذلك غصبا بل إحقاق للحق ونصرة للمظلوم.

الشرع لم يجعل الحقوق خاضعة للمزاج المتقلب، فأيا ما كان مزاجك العام فإنه لا يتعبر في الشرع مبررا لكي تمتنع عن أداء حقوق الآخرين، كما أن الآخرين كذلك لا يعتبر مزاجهم الخاص مبررا للتقصير في حقوقك.

الزاوج قائم على الرضا، فالزوجة رضيت التزامها بأن لا تمتنع عن زوجها إلا بسبب يقبله الشرع كالحيض والمرض والإرهاق الشديد الذي تتعسر معه العلاقة الحميمة.

والزوج رضي أن يكون مسؤولا عن هذه الزوجة وقائما بحقوقها عليه، ومعاشرا لها بالمعروف.

فإذا ما جاء أحدهما يوما وأراد الافتكاك من هذا العقد فعليه أن يفترق بالمعروف، ولا يأخذ من الآخر شيئا، فلو كان الفراق رغبة من الرجل فعليه أن يعطي المهر كاملا للزوجة إن كان قد دخل بها، وكذلك الزوجة إن كان الافتراق من جهتها فعليها أن ترجع المهر للزوج  كاملا إلا أن عفا عن شيء منه لها عن طيب نفس.

أما الفكرة التي تقول إننا سنعيش لكننا سنجعل حقوق الآخرين خاضعة لمزاجنا، فمتى كان مزاجي كزوج هو النفور من زوجتي فإنني سأمنعها الليلة حق المسكن وسأعيدها لبيت أهلها، ومتى كان مزاج الزوجة غير متقبل للزوج فإنها ستمنع نفسه عنه..تلك الأفكار العبثية مرفوضة في الإسلام، فالإسلام لم يجعل أحد الزوجين تحت رحمة الآخر فيما يتعلق بالحقوق والواجبات.

مهما كان مزاجك الشخصي فتقصيرك في حق الآخر ليس مقبولا.

الزوجان حلال لبعضهما فلا يمكن أن تصير العلاقة بينهما إذلالية، بمعنى أن يمتنع أحدهما عن حقوق الآخر متى لم يتوافر له المزاج لتقديم ما عليه من حقوق.

إن الزوجة متى امتنعت دون سبب يقبله الشرع فهي ناشز، والناشز توعظ وتهجر وتضرب ضربا غير مبرح.

وكذا الزوج متى امتنع عن حقوق زوجته عليه فإنها تشكوه للقاضي فيأتيها القاضي بحقوقها منه، ولو آذاها أو سبها فإن الشرع يعطي القاضي الحق لتأديب ذلك الزوج بالجلد أو الحبس ونحوه.

فالناظرلحال الزوجين بالنسبة للشرع يجد هذه الحال متكافئة وليس كما يظن بعض الناس أن الشرع جائر على طرف لحساب طرف آخر.

أما أولئك الذين يقولون إن هذا الأمر فيه إذلال للزوجة فهي عليها أن تتقبل ذلك مقابل نفقة زوجها عليها..أقول لهم: لا إذلال هنا بل هو التزام بنظام أسري محتلام، فأين الإذلال وهي قد تزوجت وطلبت مهرا معينا وتشرطت فيه ما تشاء؟ أين الإذلال وهي قد وافقت على عقد الزواج برضاها وهي تعلم أن الإسلام ينهاها عن الامتناع عن زوجها؟ 

ثم أليس بهذا المفهوم سيصير عمل المرأة عند مديرها إذلالا؟ إنها لا تمتلك القيام من مكانها إلا برضاه، ولا تمتلك الخروج من العمل إلا برضاه؟ أفلا يعتبر هذا أيضا إذلالا في مقابل المال؟ أم أن طاعة المرأة لمديرها جميلة لكن طاعتها لزوجها مقيتة!؟

أفلا تتفكرون!؟

ما هو رد فعلك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow

دكتور/ عبدالله رشدى باحث في شؤون الأديان والمذاهب بالأزهر الشريف، والمتحدث الإعلامي السابق باسم وزارة الأوقاف.