هل المجرمُ دوماً مريضٌ نفسياً؟

نوفمبر 30, -0001 - 00:00
نوفمبر 30, -0001 - 00:00
 1

يطيب لبعض الناسِ الهروبُ من الحقائق جُبناً عن مواجهتِها، أو خوفاً من تحمل مسؤولية المعرفة، أو رغبةً في عدم إشغال العقل بشيءٍ يستهلك طاقتَه ويوقِظُه من رقدتِه.

من هذه النماذج ما تراه من مسارعة بعضِ الناسِ عند حدوث جريمة التحرش إلى وصف المجرمِ- ونحن نتفق جميعاً أنه مجرمٌ ولا يُمكن التماس الأعذار أو المبرراتِ له- بأنه مريضٌ نفسيٌّ وأن هذا هو السبب الوحيد فقط لا غير وراء ارتكابِه للجريمة! 

لا أدري من أين امتلك بعضُهم الدليل القاطع ليخرج علينا بهذه النتيجة هكذا قطعاً وجزماً..لا أدري أيَّ دراسةٍ علميةٍ اعتمدَ عليها! 

هل فكَّرَ هؤلاء المُتعجِّلون في أحكامِهم أن كلامَهم هذا سيفتح الباب أمامَ الأوغاد من كلِّ جانبٍ ليرتكبوا من جرائم القتل أو التحرش أو غيرها ما يطيب لهم، ثم يتذرعون ويبررون جُرمَهم بأنهم مرضى نفسيون، ووقتها ربما يحصلون على عفوٍ أو تخفيفٍ مُقَنَّنٍ للعقوبة!؟

لا أدَّعي الغيبَ لكنني أنا أشك أنَّ أحدَهم سأل نفسَه هذا السؤال يوماً.

المجرمُ-المتحرش أو غيرُه- هو عاقل ومدرك لفعلتِه ولن نتعاطف معه ولن نستخدم المرض النفسي سبباً دائماً نضعه أمامنا في هذه المواقفِ لأنَّ مُؤداه هو الحصول على عفو لهذا المُجرِم.

هؤلاء المُجرمون فاسدون خُلُقياً، يرتكبون ما حرَّمه الله بل وربما أنهم يجدون في ذلك الإجرامِ لذَّةً كشأن أيِّ عاصٍ يجدُ لذةً في الإقدام على ما حرَّمه الله.

واجهوا الحقائق..ابحثوا عن أسباب الجرائم الحقيقةِ ولا تَجْبُنوا عن مواجَهتِها وعالجوها ولا تدفنوا رؤوسكم كالنعام في الرِّمال.

علاجُ الأسبابِ لن يجعلَ المُجرم في دائرة العفو والتعاطف ولن يُغيِّرَ من حقيقة جريمتِه شيئاً، فالبحثُ عن أسباب الجرائمِ لعلاجِها لن يجعلَ من المُجْرِمِ بريئاً لكنه سيساعدُ المُجتمعَ على التصدي لتكرار الجرائم وسيضيق الخناق على المُجرمين أكثرَ وأكثر.

فالعاقل يبحث عن أسباب تكرار الجريمة ويُعالجُها حتى يَجْتَثَّها من جذورِها بدلاً من احتساء كؤوس الغفلةِ والإصرارِ على تجاهُلِ الحلول.

ما هو رد فعلك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow

دكتور/ عبدالله رشدى باحث في شؤون الأديان والمذاهب بالأزهر الشريف، والمتحدث الإعلامي السابق باسم وزارة الأوقاف.