الإسلام للمبتدئين| الجزء الأول| 1- وجود الله

سلسلة تعريفية بالإسلام من خلال عدة مقالات يصحبها مقاطع مصورة.

نوفمبر 30, -0001 - 00:00
يوليو 8, 2021 - 15:59
 7

منذ فترة والفكرة تراودني حول الكتابة عن بعض أمور تشغل الأذهان لعلي أضيف للقارئ شيئا.

إلا أن الحيرة تملكتني..بأي شيء أبدأ؟ وما هي السلسلة التي ينبغي أن أعالج خلالها ما سأكتبه؟ وما الذي سيفيد الناس أكثر؟ هل ينبغي علي أن أبدأ بمعالجة الشبهات؟ وما هي الشبهات التي سأعالجها؟ هل ما يتعلق بالاعتقاد؟ أم ما يتعلق بالشريعة؟

ثم هداني الله لأن أبدأ في كتابة سلسلة من المقالات-لعلها تصير كتابا ومرجعا يوما ما- تتناول شرح الإسلام من بدايته بأسلوب سهل يبتعد عن الدخول في المعترك الخلافي الذي لا يفيد راغبي التعرف على الإسلام بصورة إجمالية سسلسة لا يشق على الإذهان استيعابها.

وها أنذا أبدأ مستعينا بالله ومصليا على رسوله الكريم سيد الأنام عليه الصلاة والسلام.

حين نتحدث عن الإسلام فإننا نتحدث عن دين يزعم أصحابه أنه نزل من السماء.

نحن هنا بحاجة على التعرف على ذلك الإله الي يزعم المسلمون أنه خالق الكون، ثم نحن بحاجة للتعرف على الوسيط الذي نقل إلينا هذه الرسالة، ثم نحن بحاجة للتعرف على مضامين هذه الرسالة التي جاء بها ذلك الرسول.

وللتوضيح فإن الدين الإسلامي-عزيزي القارئ- تنقسم مباحثه الرئيسة إلى ثلاثة أقسام: عقيدة وشريعة وأخلاق، وثمرة الالتزام بهذه العقيدة والشريعة والاخلاق السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة كما قال الله :( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى)

فعلم العقيدة نتعرف من خلاله على ما يتعلق بذات صانع الكون وهذا يسمى في علم العقيدة بباب الإلهيات، وما يتعلق بالأنبياء الذين هم الوسطاء بيننا وبين صانع الكون يبلغوننا شرائعه وهذا ما يعرف في علم العقيدة بباب النبوات، وما يتعلق بالامور الغيبية التي ستحدث آخر الزمان وبعد الموت وهذا ما يعرف في لم العقيدة بباب السمعيات.

وعلم الشريعة كذلك نتعرف من خلاله على جوانب علاقة العبد بربه وهو ما يسمى بالعبادات، وعلاقة العبد بغيره من المخلوقات وهو ما يسمى بقسم المعاملات، ثم الجانب الذي ضمن عدم الخلل في بعض ما سبق وهو باب الحدود أو العقوبات.

ثمرة هذين القسمين، أعني العقيدة والشريعة، هي الأخلاق الحميدة، وهنا يبرز لنا علم السلوك أو علم التصوف وهو الذي يستهدف تنقية النفس االبشرية من خلال الالتزام بما ورد في الوحي الذي هو الكتاب والسنة، لا من خلال البدع والخرافات الباطلة.

الآن بعد تعرفنا على خارطة الدين الإسلامي، ننتقل للحديث عن أول قضية فيه، نتحدث الآن عن الإله، عن صانع الكون، لكن قبل أن نتحدث عن صفاته وما يتعلق به، نحن بحاجة لكي تقتنع عقولنا بوجوده، فلا بد من البحث: هل العقل إذا تجرد وبحث سيتناغم مع فكرة وجود الخالق للكون؟ أم أنها فكرة غير منطقية؟

الكون حولنا هو مادة وطاقة، وهذه المادة التي نحن بأجسادنا جزء منها هي خاضعة لقوانين كونية لا تتخلف ولا تتغير فيما جرت به عادتنا، فمن هذه القوانين مثلا أن لكل مصنوع صانعا، وأنه لا يوجد فعل بدون فاعل، فلو أن إنسانا يسير في الصحراء فوجد هاتفا ملقى على كثيب من الرمال، فإن العقل قطعا سيتجه إلى أن هذا الهاتف لم يأت هنا بنفسه، وإنما هناك مسببوفاعل هو من تركه في هذا المكان.

كذلك لو أن إنسانا يجلس بين أصدقائه في غرفة مغلقة لا يوجد فيها أحد معهم، ثم خرج للذهاب للصلاة مثلا، ولما عاد لم يجد معهم هاتفه الذي تركه لهم، فلما سألهم قالوا له: لا ندري أين هاتفك، لقد اختفى هكذا ببساطة!

ترى هل سيقبل العقل البشري هذه االسذاجة في الطرح!؟ هل سيقبل أحدنا أن يترك مدبرة المنزل في بيته وفي البيت ذهب وأموال، ثم يجد الأموال والذهب قد اختفى من البيت مع أنه لم يدخل ولم يخرج أحد غير هذه المدبرة، ثم إذا سأله قالت له بسخافة متناهية: لقد اختفت أشياؤك من نفسها يا سيدي!

بهذين المثالين يتضح لك أيها القارئ أن المادة الكونية محكومة بقانون السببية هذا، وأن العقل البشري الرتيب لا يمكن أن يجد فكاكا من الاعتماد على هذا القانون في كل مراحل عمره من بداية الإدراك وحتى الوفاة.

إن كافة المعارف البشرية والعلوم قائمة على هذا القانون، فلو أننا افترضنا حدوث أمور لا فاعل لها، فإننا بذلك سنهدم كل القوانين الإنسانية التي نعرفها، سنهدم المعارف البيولوجية والفيزيائية والكيميائية، سنهدم قانون الجرائم، ستنتشر الفظائع في الكون وستصير الجرائم كلها مقيدة ضد مجهول، بل ستصير مقيدة ضد العدم، فحتى المجهول هنا لا يمكن نسبة الأفعال إليه لأننا هنا لا نجهل الفاعل، بل نحن هنا ننفي أصلا فكرة وجود الفاعل!

كما أن مادة الكون حين تضعها تحت الفحص العلمي فإنك تجد العلم يحدد لع\ها عمرا وزمنا معينا، وهذا وحده دليل كاف على فساد فكرة أزلية الكون، وما قدمناه من الأدلة العقلية السابقة كاف في فساد فكرة عدم وجود صانع لهذه المادة الكونية.

هذا الصانع إما أن يكون جزءا من الكون بالتالي فهو خاضع لقوانين الكون وهنا فلابد أن نقع في تناقض عقلي لأننا نفترض صانعا هو في حد ذاته خاضع لقوانين المادة فلابد أن يكون له هو الآخر صانع، وهكذا نقع في التسلسل الذي لا نهاية له، وهذا التسلسل بهذه الطريقة شيء مناقض للعقل كذل.

وإما أن يكون هذا الصانع خارجا عن قوانين المادة وخارجا عن الكون، فهو ليس مادة وبالتالي لا تسري عليه قوانين المادة..بالتالي فنحن أمام صانع لا يحتاج في وجود لصانع آخر.

وهذا هو الإله الذي يعبده المسلمون..

هل أرسل هذا الإله رسالة لمخلوقاته؟ هل خلقهم وتركهم؟ هل العقل إذا نظر في هذه القضية سيجد رفضا لفكرة الأنبياء؟

هذا ما سنطرحه في المقال القادم إن شاء الله فتابعونا 

ما هو رد فعلك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow

دكتور/ عبدالله رشدى باحث في شؤون الأديان والمذاهب بالأزهر الشريف، والمتحدث الإعلامي السابق باسم وزارة الأوقاف.