الشيعة والإمامة..قضية لا تدعمها الأدلة، ولا يشهد لها الواقع!

هنا نتناول النصوص التي اتكأ الشيعة عليها في قضية الإمامة بالتوضيح والتبيين.

 0

هذا موقفنا نحن السنة

طرح بعض إخواننا من الشيعة عدة استفسارات أحببت أن أجيب عليها وهي ما يلي:

أولا/ الثابت عند أهل السنة رضي الله عنه أن سعد بن عبادة مات ولم يبايع أبابكر وعمر من بعده، فهل ينطبق عليه حديث رسول الله: "َمَن مَاتَ وَليسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً".

الرد: المراد من مات ولا طاعة عليه للأمير، يعني من مات وهو مشاقِقٌ للأمير، لا أنَّ كلَّ مسلمٍ لم يُبايِعْ بيده يموت ميتة الجاهلية، ولذا قال النووي رحمه الله: "أما البيعة فقد اتفق العلماء على أنه لا يشترط لصحّـتها مبايعة كل الناس، ولا كل أهل الحل والعقد، وإنما يشترط مبايعة من تيسر إجماعهم من العلماء والرؤساء ووجوه الناس"

وهذا ما يقوله سيدنا علي بن أبي طالب نفسه في هذه القضية كما في نهج البلاغة: "لعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتّى يحضرها عامَّة الناس، فما إلى ذلك سبيل، ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها، وليس للشاهد أن يرجع، ولا للغائب أن يختار"

ثانيا/ رأي علي في أبكر وعمر أنهما كاذبين آثمين غادرين كما في مسلم: " قَالَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِئْتُمَا تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ وَيَطْلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ فَرَأَيْتُمَانِي كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ فَوَلِيتُهَا ثُمَّ جِئْتَنِي أَنْتَ وَهَذَا وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ أَنْ تَعْمَلَا فِيهَا بِالَّذِي كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْتُمَاهَا بِذَلِكَ قَالَ أَكَذَلِكَ قَالَا نَعَمْ قَالَ ثُمَّ جِئْتُمَانِي لِأَقْضِيَ بَيْنَكُمَا وَلَا وَاللَّهِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ"

الرد: هذا إنما قاله عمر على جهة التنزل لمجاراة الخصم، كما تقول لإنسان يخالفك: أنت تراني ضالا وكذا وكذا..إلخ من باب المجاراة والتنزل في الجدل مع الخصوم كما فعل إبراهيم مع قومه حين قال لهم عن الكواكب كما في سورة الأنعام: "فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما  أفل قال لا أحب الآفلين"

ويدل على ذلك ما رواه البخاري بسنده عن ابن عباس قال: " وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ وَحَسِبْتُ إِنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ"

فها هو علي بن أبي طالب يمتدح عمل عمر بن الخطاب، فهل سيمتدح علي عمل رجل يراه كاذبا آثما غادرا!؟

على أنه قد ورد في النص مثل ذلك من العباس لعلي فهل سنستدل به على تنقيص علي رضي الله عنه؟

فقد ورد في صحيح مسلم : "..فَجَاءَ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ فَقَالَ عُمَرُ نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ قَالَ نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمَا فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ فَقَالَ الْقَوْمُ أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَاقْضِ بَيْنَهُمْ وَأَرِحْهُمْ"

ولذا قال الأئمة في شرح هذا النص كما ورد في شرح النووي على صحيح مسلم ما نصه: " قال جماعة من العلماء : معناه : هذا الكاذب إن لم ينصف ، فحذف الجواب ، وقال القاضي عياض : قال المازري : هذا اللفظ الذي وقع لا يليق ظاهره بالعباس ، وحاش لعلي أن يكون فيه بعض هذه الأوصاف فضلا عن كلها ، ولسنا نقطع بالعصمة إلا للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن شهد له بها ، لكنا مأمورون بحسن الظن بالصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - ونفي كل رذيلة عنهم.....وإذا كان هذا اللفظ لا بد من إثباته ، ولم نضف الوهم إلى رواته فأجود ما حمل عليه أنه صدر من العباس على جهة الإدلال على ابن أخيه ; لأنه بمنزلة ابنه ، وقال ما لا يعتقده وما يعلم براءة ذمة ابن أخيه منه ، ولعله قصد بذلك ردعه عما يعتقد أنه مخطئ فيه ، وأن هذه الأوصاف يتصف بها لو كان يفعل ما يفعله عن قصد"

ثالثا/ هل هدد عمر بتحريق بيت فاطمة كما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده قال: " كَانَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ يَدْخُلان عَلي فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فَيُشَاوِرُونَهَا وَيَرْتَجِعُونَ في أَمرِهِمْ، فَلَمَّا بَلَغَ ذالِكَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ خَرَجَ حَتَّي دَخَلَ عَلي فَاطِمَةَ، فَقَالَ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) مَا مِنَ الْخَلْقِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَينا مِنْ أَبِيكِ، وَمَا مِنْ أَحَدٍ أَحَبُّ إِلَيْنَا بَعْدَ أَبِيكِ مِنْكِ، وَايْمُ اللَّهِ مَا ذَاكَ بِمَانِعِيَّ إِنِ اجْتَمَعَ هؤُلاَءِ النَّفَرُ عِنْدَكِ أَنْ آمُرَ بِهِمْ أَنْ يُحْرَقَ عَليْهِمُ الْبَيتُُ، قَالَ فَلَمَّا خَرَجَ عُمَرُ جَاؤُوهَا فَقَالَتْ: تَعْلَمُونَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ جَاءَنِي وَقَدْ حَلَفَ بِاللَّهِ لَئِنْ عُدْتُمْ لَيَحْرِقَنَّ عَلَيكُمُ الْبَيْتَ، وَايْمُ اللَّهِ لَيُمْضِيَنَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَانْصَرِفُوا رَاشِدِينَ، فِرُّوا رَأْيَكُمْ وَلاَ تَرْجِعُوا إِلَيَّ، فَانْصَرَفُوا عَنْهَا وَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَيْهَا حَتَّي بَايَعُوا لأَبِي بَكْرٍ"

الرد: وقع ذلك في رواية ابن أبي شيبة من طريق أسلم مولى عمر، والرواية بهذا السند فيها مقال فإن أسلم أرسلها، ثم إن الروايات التي روى فيها أسلم القصة عن عمر ليس فيها ذكر التحريق، إلا ان بعض الناس قد يقول إن أسلم ثبتت له صحبة فقد سافر مع النبي عليه الصلاة والسلام مرتين لكن هذه الرواية التي تفيد سفره مع رسول الله غير صحيحة فقد ورد في كنز العمال للمتقي الهندي ما نصه:

 "عن عبد المنعم بن بشير عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده أنه سافر مع النبي صلى الله عليه وسلم سفرتين.. ابن منده وعبد المنعم جرحه ابن معين؛ قال في الإصابة: والمعروف أن عمر اشترى أسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ كذلك ذكره ابن إسحاق وغيره"

كما ورد في أسد الغابة ما نصه: " روى عبد المنعم بن بشير بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه عن جده أنه سافر مع النبي صلى الله عليه وسلم سفرتين، وعبد المنعم لا يعرف"

وقال البخاري في التاريخ الكبير: " أن أبا بكر بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنهما سنة 11 ه‍ فأقام للناس الحج وابتاع فيها أسلم"

فأسلم لم يدرك هذه القضية التي كانت في المدينة بعد رسول الله فلابد أنه سمع هذه القضية من شخص ما، وهذا الشخص مجهول فالرواية لا يمكن الاحتجاج بها، على أن بقية الروايات التي صرح فيها أسلم بروايته عن عمر بن الخطاب لم تذكر قضية التحريق هذه مما يجعلنا في شك منها، فقد روى الحاكم بسنده إلى أسلم عن عمر بن الخطاب أنه قال: " حَدَّثَنَا مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفُ الْهَمْدَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عَلِيٍّ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكِ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ أَبِيكِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكِ"

ثم إنه ورد في الرواية ما يدل على مكانة فاطمة عند عمر وذلك قوله لها: " مَا مِنَ الْخَلْقِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَينا مِنْ أَبِيكِ، وَمَا مِنْ أَحَدٍ أَحَبُّ إِلَيْنَا بَعْدَ أَبِيكِ مِنْكِ"

ثم إننا لابد أن نعرف موقف الإمام علي من أولئك الذين ينازعون في الإمارة.

لقد حكم فيهم بالقتل إن لم يرجعوا عما بدر منهم من رفض الإمامة وشق العصا فقال كما في نهج البلاغة: "أيها الناس إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه، فإن شغب شاغب استعتب فإن أبى قوتل"

فهل فعل عمر وأبو بكر إلا ما قاله وحكم به علي في هذا النص على فرض التسليم بصحته!!؟

رابعا/ إن رواية : " أنتم الامراء ونحن الوزراء" التي وردت في مسند أحمد فيها انقطاع فحميد بن عبد الرحمن لم يدرك أبابكر؟

الرد: لها شواهد، فقد قال الهيثمي في (مجمع الزوائد): رواه أحمد - وفي الصحيح طرف من أوله - ورجاله ثقات، إلا أن حميد بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر. اهـ.

 وقال الشيخ الأرنؤوط وغيره من محققي المسند: صحيح لغيره، رجاله ثقات رجال الشيخين، وهو مرسل. اهـ

كما يشهد لهذا الأثر -الذي عند أحمد- ما أورده ابن كثير عن رافع الطائي رفيق أبي بكر الصديق في غزوة ذات السلاسل، قال: "وسألته عما قيل في بيعتهم. فقال: وهو يحدثه عما تقاولت به الأنصار وما كلمهم به، وما كلم به عمر بن الخطاب الأنصار، وما ذكرهم به من إمامتي إياهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه. فبايعوني لذلك، وقبلتها منهم، وتخوفت أن تكون فتنة بعدها ردة." ثم قال: وهذا إسناد جيد قوي

ولهذا نظير عند الشيعة فقد ذَكَرَ الطوسي فِي عُدَّةِ الْأُصولِ أَنَّ مَرَاسِيلَ اِبْنِ أَبِي عُمَيرٍ كَمَسانيدهِ، فَهُوَ لَا يُرْسِلُ الْحَديثَ وَلَا يُسْنِدُهُ إِلَّا عَمَّن يُوثَقُ بِهِ.

خامسا/ هل ذكر الشيعة في شيء من مصادرهم قضية اختفاء المهدي في السرداب؟

الرد: نعم، فقد ورد في بحار الأنوار نقلا عن كتاب الفصول المهمة في معرفة الأئمة لابن الصباغ ما يلي: "وأما لقبه فالحجة، والمهدي، والخلف الصالح، والقائم المنتظر، وصاحب الزمان، وأشهرها المهدي.. صفته (عليه السلام): شاب مرفوع القامة حسن الوجه والشعر، يسيل شعره على منكبيه، أقنى الأنف أجلى الجبهة.. بابه (1): محمد بن عثمان (2). معاصره: المعتمد (3). قيل: إنه غاب في السرداب (4) والحرس عليه وكان ذلك سنة ست وسبعين ومائتين للهجرة" والصواب كما رجحه علماء الشيعة أن الغيبة كانت سنة 266هـ

نعم، لا ننكر أن هذا الأمر مشهور عن الشيعة بسبب زيارتهم للسرداب وتعظيمهم له، لكن الواقع أن أول من زعم من أهل السنة أن المهدي اختفى في السرداب هو ياقوت الحموي في معجم البلدان، لكن الغالب في كتب الشيعة أنه يجوب البلاد ويبايع في مكة بين زمزم والمقام، ومقامه قبل ظهوره إنما هو في المدينة المنورة.

 

سادسا/ ماذا عن الأدلة التي قدمها الشيعة للتأكيد على أن رسول الله قد أوصى بالخلافة لسيدنا علي بن أبي طالب؟

الرد: لا يمتلك الشيعة شيئا يصلح دليلا على دعواهم في إمامة سيدنا علي بعد رسول الله

أما القرآن فلا، إذ لم يرد ذكر لسيدنا علي في كتاب الله باسمه ولا بالتنصيص على إمامته.

 وأما السنة فلهم استدلالات بنصوصٍ سياقها لا يخدمُ استدلال الشيعة كقوله عليه السلام: "من كنت مولاه فعلي مولاه" وكقوله: "أنت خليفتي في كل مؤمن من بعدي" وكقوله عليه السلام: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي"

وسنبين ذلك فيما يلي:

1- فأما قوله "من كنت مولاه فعلي مولاه" فإنه لا دلالة فيه على الولاية السياسية، وإنما هو دال على المحبة والتأييد والتعظيم، لأن المؤمنين كلهم أولياء بعضهم بعضا، قال الله تعالى: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا" وقال تعالى : "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض"

 2- وأما قوله: " إن الله عز وجلَ مولاي وأنا وَلِيّ كل مؤمنٍ ثم أخذَ بيد عليّ فقال من كنتُ وليّهُ فهذا وليّه" فإنه لا يصح أن يراد به أنه خليفة عقب رسول الله، لأن رسول الله لم يقل ذلك في النص، ولا أدري على أي شيء في ألفاظ هذا النص اعتمد الشيعة على أحقية علي رضي الله عنه بالإمامة العظمى.

3- وأما قوله : "أنت مِنِّي بمنزلةِ هارونَ من موسى أَلَا إنك لَسْتَ نبيًّا إنه لا ينبغي أن أذهبَ إلا وأنت خليفتي في كلِّ مؤمنٍ مِن بعدي"

فأصل هذه القضية هوما ورد في مجمع الزوائد وغيره: "وخرَج بالنَّاسِ في غزوةِ تبوكٍ قال فقال له عليٌّ أخرَج معك فقال له النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم لا فبكى عليٌّ فقال له ألا ترضى أن تكونَ منِّي بمنزلةِ هارونَ من موسى إلَّا أنَّك لستَ بنبيٍّ إنَّه لا ينبغي أن أذهَبَ إلَّا وأنتَ خليفتي"

فهذا النص له سياق خاص وهو استخلاف رسول الله لعلي حين خرج لغزوة تبوك، فكيف يستدل به إخواننا من الشيعة على الإمامة العُظمى!؟ 

ثم إن رسول الله قد استخلف قبل هذه الواقعة وبعدَها رجالاً غير عليٍّ، وهذا وحدَه دالٌّ على ضعف الاستدلال بهذا الاستخلاف الذي إنما كان واقعا في غزوة تبوك على الخلافة أو الإمامة العظمى بعد انتقال رسول الله إلى الرفيق الأعلى، فقد ذهب رسول الله وترك المدينة كثيرا ولم يكن علي خليفة عليها بعده.

فقد استخلف في غزوة بدر: عبد الله ابن أم مكتوم، واستعمل على المدينة في غزوة بني المصطلق: أبا ذر الغفاري وفي غزوة الحديبية: نُمَيْلَةَ بن عبد الله الليثي كما استعمله أيضاً في غزوة خيبر، وفي عمرة القضاء استعمل: عويف بن الأضبط الديلي، وفي فتح مكة: كلثوم بن حصين بن عتبة الغفاري، وفي حجة الوداع: أبا دجانة الساعدي.

فهذا الاستخلاف كان في حياة رسول الله في موقف بعينه فقط لأن هارون إنما كان خليفة لموسى في حياته فقط، ولا يصلح جعله عاما حال الحياة وحال الوفاة، أما حال الحياة فلأن رسول الله استخلف على المدينة رجالا غير علي بن أبي طالب قبل تبوك وبعدها،

 وأما حال الوفاة فلأن هارون توفي في حياة موسى ولم يكن خليفة على بني إسرائيل بعد موت موسى‘ فقد جاء في بحار الأنوار: "عن جعفر الصادق أنه سئل: أيهما مات؟ هارون مات قبل أم موسى صلوات الله عليهما؟ قال: هارون مات قبل موسى"فصار فيه قياس مع الفارق فهارون مات في حياة موسى وهارون كان أخاً لموسى من النسب وعليٌّ كان ابن عمِّ رسولِ الله، فلا دلالة لهم في قوله عليه السلام: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي"

 4- وأما قوله: "رَحِمَ اللَّهُ عَلِيًّا اَللَّهُمَّ أَدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ" كما في المستدرك للحاكم

فعلى ما في سنده من كلام لكننا سنتجاوز عن ذلك وسنقبل صحته، لكن الواقع يؤيده فإن عليا لم يفرق كلمة المسلمين ولا نازع إمامهم، بل هو القائل كما في نهج البلاغة: " أيها الناس إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه، فإن شغب شاغب استعتب فإن أبى قوتل" فالأمة بايعت أبابكر وعمر، ولم يقاتلهما عليٌّ ولم ينزع يداً من طاعةٍ، ولو كان له عهد من رسول الله لتابعه الصحابة رضوان الله عليهم‘ بل إنه بايع بعد وفاة فاطمة مرة أخرى، ولو فرضنا -كما تقول الشيعة- أنه لم يبايع أبابكر ولا عمر ولا عثمان، فإنه ما خرج عليهم ولا قاتلهم، ولا قام يخطب المسلمين قائلا: إن الإمامة من حقي وإن الثلاثة قد غصبوني ومنعوني حقي!

أرجو أن أكون قد بينت في هذه الأسطر القضية بشكل جيد والله من وراء القصد.

 

 

 

ما هو رد فعلك؟

أعجبنى أعجبنى 42
لم يعجبنى لم يعجبنى 3
أحببته أحببته 16
مضحك مضحك 4
أغضبنى أغضبنى 1
حزين حزين 1
رائع رائع 15