عبثيات|12-أنا حر..!؟
تناقض الموقف العلماني من الحرية والمسؤولية.
حين تمتلك القدرة على الاختيار بين أمرين فأنت حر، حين تختار بين النوم واليقظة فأنت حر، حين تختار بين الانضباط والانفلات فأنت حر، حين تؤمن فأنت حر، حينما تكفر فأنت أيضا حر!
حر في اختياراتك لكنك لست بمبعد عن العقوبات المترتبة على قراراتك...فإن ارتددت فأنت حر..لكن هناك عواقب لردتك.
نعم، هكذا خلقنا الله..خلقنا ممتلكين لزمام إرادتنا وفق ما علمه الله وأرداه وقدره..خلقنا الله بآلات-الأعضاء- نستطيع معها كسب أفعالنا، فنحن لسنا مسيرين كالملائكة، لم نجبل على شيء بعينه، بل جبلنا على الاختيار.
هذا هو ما أفهمه من كلمة "الحرية" هي كلمة لا علاقة لها بفكرة المسؤولية، فأنت فيما تفعل ولكنك مسؤول عن هذه الحرية.
ومنشأ الخلل هو الخلط بين هذين المعنيين.
فبعضهم يظن أن الحرية مقتضاها انعدام المسؤولية، فما دمت حرا فلا حق لأحد أن يلومني!
وهذا في الحقيقة مفهوم مشوه لكل من الحرية والمسؤولية معا.
إنك حر أن ترتكب الموبقات، لكنك حريتك لن تلغي مسؤوليتك عن تصرفاتك..لن تلغي عقوبتك..فمبدأ العقوبة لا ينافي مبدأ حرية الاختيار.
كذلك فلك الحرية أن تفعل ما تشاء ولغيرك الحرية أن ينتقد فعلك بما يشاء..لا نعني بذلك السب والقذف والاستطالة، فهذه تصرفات لا تمت إلى النقد المقبول بصلة.. لكن كما منحت نفسك حق الفعل بلا لوم..فلغيرك حق النقد دون أن يتوجه إليه كذلك لوم.
ليس لك الحق أن تفعل شيئا يرفضه الدين أو القانون أو المجتمع ثم تريد أن تكمم الأفواه وتغل يد القانون عن محاسبتك!
ليس لك الحق أن تمنع الآخرين من انتقاد فعلك أو اعتقادك أو مبادئك..فمادمت ارتضيت لنفسك أن تكون حرا في فعالك فعليك أن تقبل حق الآخرين في رفض تصرفاتك.
حين أرى بعضهم يطالب بقدر من الحرية أتعجب!..أولست بالفعل حرا في تصرفاتك!؟..الأحرى أن تضبط نفسك فلا تسخدم حريتك في فعل ما تلام عليه لاحقا.
أنت حر في أن تفعل ما تشاء والناس أحرار كذلك في رفضهم وانتقادهم لما لا يحبونه.
لا تفعلوا القبائح ثم تطلبوا من الناس أن يقبلوها دون تعليق!
لأن طلبكم وقتها ليس من قبيل المطالبة بالحرية بل من قبيل المطالبة للناس بأن يدفنوا آراءهم في التراب إرضاء لديكتاتوريتكم الشنعاء!
ما هو رد فعلك؟